الصحفي: ما له وما عليه من قوانين؟

الإلمام بالثقافة القانونية أمرٌ ضروري لحماية الصحفي أينما كان، وعلى الصحفي دراسة وإدراك القوانين المتعلقة بالإعلام لضمان عدم تعدّيه على حقوق أو خصوصية الآخرين، ولضمان تبرئته في حال تحويل قضيته للمحكمة القانونية.

وعبّر أستاذ الإعلام في جامعة الشرق الأوسط في الأردن، يحيى شقير، عن أهمية الثقافة القانونية للصحفيين، حيث إنّها "تعرّفه بحقوقه، فيستطيع ممارستها إلى الحد الأقصى، دون تجاوز حقه أو التعدّي على حقوق الآخرين". وبالتالي، فإنّ معرفة الصحفي بحقوقه والقوانين الواجب اتباعها، "تجنّبه من اصطياده". وذكر شقير أنه في ظل ضغط العمل والاضطرار إلى اتخاذ قرارات سريعة، يصعب على الصحفيين العودة إلى المحامين للسؤال عن "كل صغيرة وكبيرة".

وقال شقير: "الجهل بالقانون ليس عذراً لمن يرتكب أي جرم"، مشيراً إلى كثرة المشاكل التي يقع فيها الصحفيون بسبب "جهلهم بالقوانين". وأظهر شقير أسفه تجاه بعض القوانين التي تحدّ من حرية الصحافة، ولكنه أكّد أنّ الصحفي المهني قادر على "الالتفاف حول هذه القوانين المقيّدة".

وبعيداً عن الحماية القانونية، على الصحفي أن يحمي نفسه عند تغطيته للأماكن التي تكثر فيها الاشتباكات أو النزاعات أو الكوارث الطبيعية. وفي هذا السياق، تحدثت المستشارة في السلام والأمن في كلية الدراسات العليا للصحافة في جامعة كولومبيا، جوديث ماتلوف، في جلسة "كيف تحمي نفسك كصحفي استقصائي؟"، عن خبرتها في تغطية أماكن النزاع.

وسردت ماتلوف قصتها أثناء تغطيتها للحرب الأهلية في أنغولا الأفريقية في ١٩٩٢، وغيرها من أماكن النزاع. وبالاستناد إلى خبرتها، قالت ماتلوف، في الجلسة التي عُقدت في ٣ كانون الأول/ديسمبر في العام الجاري ضمن فعاليات ملتقى أريج، إنّه على الصحفي أن يقيّم مدى خطورة المكان والحدث الذي يريد تغطيتهما.

وعلى الصحفي أن يكون برفقة مساعدٍ لإجراء الاتصالات الطارئة عند الضرورة، بحسب ماتلوف. كما شدّدت على ضرورة فتح غطاء محرك السيارة وفحص أسفل السيارة قبل قيادتها؛ للتأكد من أنها سليمة، "فأغلب الصحفيين يموتون بحادث سيارة مدبّر".

وفي الدول العربية التي تحدّ من حرية الصحافة بشكل كبير، كسوريا، قالت ماتلوف، عبر الإيميل، إنّه "من المهم نشر التقارير التي نكتبها عن المواضيع السياسية الحسّاسة تحت هوية مجهولة، لضمان سلامتنا". كما تحدّثت ماتلوف عن أهمية توثيق أي تهديد يتعرض له الصحفي؛ للرجوع إليه في حال تم خطفه أو ملاحقته.

وحول التهديد الذي يتعرض له الصحفي، تمحورت جلسة "لماذا نحتاج لحماية مطلقي الصفارة؟" عن أهمية مطلقي الصفارة الذين غالباً ما يتم تهديدهم والإبلاغ عنهم. والمقصود بـ "مطلق الصفارة" هو المبلّغ الذي يفصح عن المعلومات المتعلقة بالجرائم وانتهاك القوانين.

وعلى الرغم من وجود بعض القوانين العالمية التي تحمي مطلقي الصفارة، إلا أنها غير كافية لحمايتهم من التهديد والابتزاز، وبخاصة في الأردن، بحسب الباحثة الأولى في أريج، إيمان محمد القيسي. وبرأيها، كان الأجدر بالمشرّع الأردني التطرق بأحكام تفصيلية عن المدة الزمنية لحماية مطلق الصفّارة، "إذ إنّ القانون لا يحدّد مدة الحماية". وقالت القيسي إنّه على مطلق الصفارة التبليغ عن أي ضرر فعلي أو أذى مؤكد يتعرض له حتى تتم حمايته مباشرةً.

وفي الجلسة ذاتها التي عُقدت في ٤ كانون الأول/ديسمبر من هذا العام في ملتقى أريج، قالت الصحفية الاستقصائية المستقلة، ليندا ماهر، إنّ "حامل الصفارة غير مطلوب منه أكثر من إطلاق صفارته".

ويعتبر ملتقى أريج السنوي أكبر تجمع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للصحفيين الاستقصائيين ومؤيدي الإعلام المستقل. وتم عقده هذا العام افتراضياً من ٣ إلى ٥ ديسمبر، تحت شعار "الإعلام والمساءلة في عالم مضطرب"، وضمّ أكثر من ٦٠ جلسة متخصصة.