ردّولي الطفولة
- ميسا عيد
- Nov 1, 2021
- 1 min read

لم أتخيّل أنْ أكتبَ يوماً عن طفولتي
ليس لأنّي لم أحظَ بطفولةٍ مثالية
بل لأنّي لا أذكر من طفولتي إلا القليل
كنتُ في سوريا.. في مدينة جبلة
وتحديداً في ذاك المقهى الساحلي المطل على البحر الأبيض المتوسط
ألعب على الأرجوحة الكبيرة بصحبة إخوتي وأقاربي
الشمسُ ساطعةٌ والأرجوحةُ ساخنةٌ
نتسابقُ للجلوس عليها ونبقى لساعاتٍ برغم حرارتها
نضحكُ بصوتٍ عالٍ فيلتفت إلينا كلّ من في المقهى
ولا أذكر إنْ كانوا منزعجين من أصواتنا أو مبتهجين
حقاً لا أذكر.. أو ربما لا آبه لهذا التفصيل كثيراً
تنتهي تلك الأيام وفي جسدي القليل من الطاقة المتبقية
فأصرفها على الحديثِ المطوّل مع جدتي
ثمّ أغفو بأمانٍ دون أنْ أشعر..
أستيقظُ على أصواتٍ روتينية وضوضاءٍ عاليةٍ في المنزل
أفتح عينيّ وأرى فوجاً من الزوّار
فأذهبُ لأغسل وجهي وأبدّل ملابسي
ومنذُ تلك اللحظة يبدأ يومي الجميل.. المتعب
لا زلتُ أذكر تلك القطة المتوحشة في آخر الشارع
شارعُ "بيت جدتي" أسمّيه.. فأنا لم أعرفْ أسماء الطرقات يوماً
لا زلتُ أذكر تلك الدكانة التي حفظتْ وجهي
وحفظتُ رائحتها..
وتلك الألعاب التي كان يشتريها لي أبي ليلة كلّ خميس..
وتلك الليالي التي تغزوها الأحاديث الطويلة.. والسهرات..
والجمعات العائلية..
لم أتخيل أن أكتبَ يوماً عن طفولتي..
فلا أعلم إنْ كنتُ في مرحلة الطفولة إلى الآن..
ولكنّي لسببٍ ما.. أردّد في رأسي: "ردّولي الطفولة"
ولا أعلم ما المقصود بالطفولة هنا..
أهي سوريا.. أم تلك الأرجوحة.. أم جدتي.. أم تلك الدكانة..
وتلك القطة.. وتلك الألعاب.. وتلك السهرات..
أعلمُ فقط أنّي بحاجةٍ ماسّةٍ لطفولتي..
فأعيدوها إليّ!
Commenti