top of page

ملخص كتاب الخائفون

  • Writer: ميسا عيد
    ميسا عيد
  • Feb 10, 2021
  • 5 min read


عنوان الكتاب: الخائفون

اسم المؤلف: ديمة ونوس

عدد الصفحات: 178

الناشر وسنة النشر ومكان النشر: دار الآداب للنشر والتوزيع،2017، لبنان - بيروت


نبذة عن الكاتبة:

ديمة ونوس، ابنة الكاتب المسرحي سعد الله ونوس، روائية سورية حاصلة على شهادة في الأدب الفرنسي من جامعة دمشق. تضم أعمال ونوس روايتي "كرسي" و "الخائفون" التي رُشّحت للقائمة القصيرة لجائزة بوكر العربية في عام 2018، بالإضافة إلى المجموعة القصصية "تفاصيل". وقدّمت ونوس بعض البرامج الثقافية، مثل "أضواء المدينة" و"أنا من هناك" على قناة "أورينت" التلفزيونية.


مقدمة:

لم يكن الخوف يوماً صديقاً للإنسان، وبخاصةً للذي عاش في "اللامكان"، في "اللابيت"، في "اللاملجأ" لمدة سبع سنوات تحت جحيم قصف بلد الياسمين. ومازال الأمل مفقوداً ومازال السوريون يقولون "عيد بأية حال عدت يا عيد؟" وكما قالت الكاتبة ديمة ونوس: "عدم الانتماء يصاحبه ربما بحث عميق ولاهث عن طمأنينة ما، اخترعها في أمكنة وتفاصيل غريبة"، فما عادت الأعياد تطاق ولا الجنان تزار، والخوف بات مسكوناً في السوريين. عاشت شخصيات رواية "الخائفون" كل تفاصيل الخوف والاستبداد في الفترة ما قبل الثورة السورية، أي تحت ظل "الأسد أو لا أحد" فبينهم وبين الجنون فاصل صغير يكاد ينقطع في الأجواء الديكتاتورية السائدة في سوريا المعاصرة. وجاءت الثورة السورية لتقضي على ما خلّفه النظام السوري من رماد خوف في الشعب، وليس العكس. فالخوف الباطني يعتبر أكثر وحشية لأنّه يبقى متراكماً على عكس صدى القصف وإطلاق النار، ووحدها الأحلام التي توصل الانسان إلى السلام. ولأنّ ونوس هي كاتبة سورية، فهي بالتالي عاشت تجربة هلع شخصية ما أدّى إلى إيمانها بأنّ وجود الخوف يعدم المنطق والتفكير العقلاني.


الحالة السيكولوجية للسوريين قبل الحرب

وبيد أنّ الخوف صاحبَ السوريين بعد الثورة إلا أنّ الكاتبة ونوس اختارت أنْ تركّز على الخائفين قبل الثورة السورية، ما أثار التساؤل عند البعض. ونجحت الكاتبة ونوس في كتابة أحرف روايتها "الخائفون" بخيوط منسوجة بدماء القمع الفكري الذي ساد في تلك الفترة. ولأول مرة، لم تكن الشخصيات أحجار الشطرنج في الرواية، بل لعب "الخوف" دور الملك المتحكم في شخصيات الرواية التي تشمل سليمى، وسلمى، ونسيم. عاشت "سليمى" في أوج مجازر حماة. أمّا بالنسبة للشخصية "نسيم" فترعرع في حمص وشهد على دمار منزله، فهو الوحيد الذي سلم من عائلته بصحبة أبيه، الذي انتهى به المطاف في ألمانيا. بمعنى آخر، سلطت الكاتبة الضوء على الناحية النفسية للسوريين من مختلف الأعمار والأجيال والتي أدّت إلى إعلان الحرب الأهلية في عام 2011، حين غادرت الكاتبة سورية محتميةً بلبنان الشقيقة.

داء القلق

بدأت أحداث رواية "الخائفون" بهلع العديد من السوريين المصابين بداء القلق، كباراً وصغاراً، وإقبالهم المتفاقم على عيادة الطبيب النفسي "كميل" في دمشق. وكان من ضمن ضحايا هذا الداء، فنانة شابة تدعى "سليمى". تتعايش سليمى مع نوبات الداء هذا منذ ستة أعوام، وهي تتناول أدوية تزداد جرعتها مع اشتباك الأحداث في الرواية، فما يفصلها عن الانتحار هو حديث بسيط تتداوله مع كميل في كل زيارة. وبسبب تأزم جرعات الأحداث في محيطها، استقالت الفنانة من هوايتها وخاضت معارك بينها وبين نفسها ضمن سطور الرواية في معاناة "الخوف من الخوف". ولعب الخوف في هذه الرواية دور المرض المعدي فسيطر على أغلب شخصيات الرواية ورسم شكل حياتهم بألوان لا تكاد تُفرَّق عن لون الفحم الداكن.


التماس الحب في زمن الجنون

ومن فحم داكن إلى سماء مزينة بغيوم بيضاء، انتقلت أحلام "سليمى" لتحلق بين السحاب بعد تعرفها على ضحية داء القلق الثاني "نسيم" أثناء انتظارها للطبيب كميل في عيادته. ولكن مرض نسيم كان ملحقاً بأفعال وحشية وهجومية ما أدى إلى حفر اسمه على ظهره للتمكن من التعرف عليه في حال موته. وفي أثناء وصف حالته الحزينة، تطرقت ونوس إلى الأحوال السياسية التي كانت ولا تزال سائدة في سوريا. ومن خلال هذه الأحداث، وصفت الكاتبة معاناة نسيم في أثناء سجنه وتعذيبه لمدة ثلاثين يوم. وفي هذا السياق، لم يعد الطبيب "كميل" قادراً على حل المشكلات النفسية التي يعاني منها أغلب شخصيات الرواية. نتيجة إلى ذلك، تعرّت هذه الشخصيات من الأمل، وبات السجن يسمى "قسم الموت والجنون"، ورغم نظرة نسيم التشاؤمية للحياة إلا أنّه التمس الحب مع الفنانة "سليمى". ولكن لم تسلم علاقتهما من داء الخوف فانهارت العلاقة فور بدايتها. وكيف لعلاقة تخللها الخوف أن تستمر؟


أوراق نسيم وهاجس الأب الغائب

ترك نسيم، قبل مغادرته سورية، قصة مفتوحة النهاية لشخصية تشبه شخصية "سليمى" بالمصير وحتى بالاسم، فاسم الشخصية في روايته تدعى "سلمى". بهذه الطريقة، بدأت أحداث "رواية داخل رواية" عن طريق سرد أحداث "أوراق نسيم" التي ترويها شابة تفككت أسرتها وبقيت مع والدتها في ظل موت أبيها بالمرض الخبيث (السرطان) واعتقال أخيها من قِبل النظام السوري، تماماً كما حدث مع "سليمى". تصف الكاتبة ونوس موت والد الفنانة "سليمى" بتفاصيل تبعث الشعور بالألم والانهيار. صاحبَ هذا الوصف وجوهاً شاحبة، أماً تطبخ بمفردها، بيتاً صامتاً، والداً متمسكاً بسريره، بالإضافة إلى وصف العلاج الكيماوي الذي سرق شعر والدها. فسليمى كانت الأكثر التصاقاً بأبيها، وعندما يخبرها عن آلامه، تبتلع الغصة في قلبها لتخرج بهيئة دموع بريئة وصوت مبحوح، حتى قالت بعد موته: "لم أحتمل أن أراه جسداً. كيف يتحول ذلك الكائن الطافح بالحياة بشهقة واحدة إلى مجرد جسد".


شخصيات غَدَرَها الخوف

الخوف هو الوباء الوحيد العالق في أذهان شخصيات الرواية منذ نعومة أظفارهم. وسيطرت الضبابية على مشاعر "سليمى"، فهل فعلاً أحبّت نسيم أمْ تهيأ لها هكذا؟ حتى أنهاّ بدأت بالشك فيما إنْ كان قلبها ينبض أم لا، فكل هذه الندبات والتساؤلات كانت نتيجة الإحباط المهلك لروح الانسان. وفي هذا السياق، لعب الخوف أشكالاً عدّة حتى وصفته ونوس على أنّه "يأخذ أشكالاً أخرى ليصبح شكّاً بالآخرين، شكّاً بالذات وقدرتها على المضي في حياة كئيبة ومظلمة". ترك نسيم روايته معلقة لأنه فشل في إكمالها، كما فشل في أنْ يصبح طبيباً، مما جعل الكاتبة ونوس تكمل روايته. ومن "سلمى" و"نسيم" و"سليمى" إلى شخصيات عديدة غدرها الموت، تنتقل ونوس لتعبر عن حال الشعب السوري الذي سكنه الحزن وخضع لسلاسل الإعدام بيده؛ ليقضي على "الخوف" الذي استوطن جوفه.


الخاتمة

تنتهي الرواية بفكرة سفر "سليمى" لتلتقي بالشخصية التي كتب عنها نسيم في أوراقه "سلمى" في بيروت. وعندما سافرت "سليمى" انتابتها أفكار تشاؤمية حول والدتها التي كبرت فجأة. تقرر "سليمى" العودة على الفور، دون لقائها مع "سلمى" ودون المبيت في بيروت، فهي لا تحتمل فكرة النوم بعيداً عن المكان الذي دُفن فيه والدها. عادت "سليمى" ولم تلاحظ والدتها غيابها، ولكنها ابتسمت عند رؤيتها. ومنذ ذلك الوقت، تستيقظ "سليمى" كل يوم على أحلام وكوابيس ليلية، ولكنها تحاول أنْ تقضي صباحها برفقة والدتها ورائحة القهوة. فهل يمكن للنظام السوري أنْ يستبد شعبه بطريقة أكثر وحشية؟


مغزى الكتاب:

سلّط كتاب "الخائفون" الضوء على حال السوريين قبل الحرب الأهلية، فكان المغزى من الكتاب وصف الخوف الذي اجتاح الشعب السوري في ذلك الوقت. ومع توالي الأحداث، تطور هذا الخوف ليصبح "الخوف من الخوف"، أي الخوف من الكتمان والبوح في الوقت ذاته.. الخوف من العيش والخوف من الموت. الخوف في هذه الرواية لم يكن مصطلحاً عابراً فحسب، بل كان الشخصية الرئيسية التي سيطرت على باقي الشخصيات الفرعية. وجاءت الأحلام في الرواية لتخفف العبء الذي عاشه الشعب السوري، فكانت بمثابة الملجأ الآمن. وما الذي سينتشل السوريين من آلامهم بانعدام الأحلام؟


ما أعجبني في الكتاب:

اعتمدت الكاتبة ديمة ونوس في هذه الرواية على أسلوب الأحلام لأنّ "التوثيق يفقد الرواية عنصر الخيال". أسلوب الأحلام في الرواية ساهم في فهم الشخصيات ومعرفة نواياهم وما في جوفهم من أفكار. بالإضافة إلى ذلك، مثّلت هذه الأحلام وسيلة للهروب من الخوف.. وسيلة للهروب من الديكتاتورية والتعصب الفكري.. وسيلة لتحقيق السلام، وإنْ كان حلماً. ولأنّ تفسير الأحلام يختلف من شخص لآخر، يلجأ الناس لاختيار المعنى الذي يناسبهم، فهذه الطريقة تطلق عنان الخيال والتفكير. على سبيل المثال، يفسّر بعض الناس "الموت في الحلم" على أنه خير. أعجبتني أيضاً طريقة ونوس في سرد رواية داخل رواية وتشابك الأحداث للدلالة على الخوف والضياع. عملت هذه التقنية على إظهار كمية الخوف في الشخصيات، "فالخوف من الخوف" منع "وسيم" من إكمال روايته، وبقيت أحداثه مفتوحة النهاية. وإنْ دلّ هذا على الشيء، فهو يدلّ على تشويش الفكر واللاوعي الذي عاشه السوريون قبل الحرب، ومازال مستمراً في الوقت الراهن.


ما لم يعجبني في الكتاب:

تمنيت وجود بعض الأمل في هذه الرواية، فالأمل يضفي لمسة سحرية على الأحداث والشخصيات، ولولا هذا الأمل لما صمد السوريون لسنوات ضمن الحرب الأهلية هذه. والرواية تبدو وكأنها تغرق في وحل حالك الظلام لا منفذ منه. بمعنى آخر، سوداوية الأحداث هي التي لم تعجبني في هذه الرواية. برأيي، كان من الممكن إضافة عبارات ترسم الابتسامة على أوجه القرّاء، فما أصعب الحروب والديكتاتورية دون أمل! ونجاح الحرب دون أمل استحالة.

Comments


تواصلوا معي وزوّدوني بآرائكم

Drop Me a Line, Let Me Know What You Think

Thanks for submitting - شكراً لآرائكم

bottom of page